الأيام دول بين الناس، فيوم لك ويوم عليك، فإذا كانت الأجرام السماوية تدور في فلكها فإنها تدور وفق نظام إلهي قدره الله لها، ومن ذلك فالله الذي يقدر للعباد أقدارها، فمن يقرأ التاريخ لا يدخل اليأس إلى قلبه أبدا، فالأغنياء يصبحون فقراء، والضعفاء أقوياء، وحكام الأمس مشردون اليوم، والغالب مغلوب، والفلك يدور والحياة لا تقف، فقد كان الاتحاد السوفيتي قوة عظمى ذات يوم تحكمه روسيا الاشتراكية الفاشية، وقد كان من أكبر الداعمين لسقوطها أمريكا، في ما يعرف بالحرب الباردة، ولكن ما هو دور المسلمين من ذلك؟ وهل وقفوا صفا واحدا تحت مظلة واحدة، فنتج عن ذلك إسدال الستار على أول تجربة لنظام اشتراكي، ولكن الجدل يظل قائما إلى يومنا هذا عن الأسباب، فهل هو خلل في النظرية الاشتراكية؟ أم خلل في تطبيقها؟ أم توحد الصفوف ضدها؟ وهو في ظني السبب الأكبر، ثم دار الفلك بعد التفكك الشنيع، والدرس القاسي لنظام بائد، فظل الحقد والحنق يكمن في خلد الروس، ليجدوا من سوريا متنفسا لهم بدعوى الدعم للنظام السوري، فهي لا تريد من الأسد ومن نظامه شيئا، ولكنها محاولة للتخلص من السموم الكامنة في جسدها بعد قرون من الزمان، ولكن عما قريب ستنتصر الأمة وتنقشع السحابة وتفرح الأمة بنصرها، وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون، فهل ستأخذ روسيا صفعة أخرى تكتوي بنارها، أم تلتزم بموقفها ولو بعد سقوط الأسد؟ ما ستكشفه الأيام القادمة خير دليل على نظام فاسد بائد تعود على الفشل وسفك الدماء، إذ بات الخلل ينهش عظامه، ويمزق أحشاءه ليلفظ أنفاسه الأخيرة، فالحوادث لا تكف عن الجريان، فالبادئ بالشر أظلم، فلا حزن يستمر، ولا فرح يدوم.
* عضو هيئة التدريس بجامعة الملك عبدالعزيز
* عضو هيئة التدريس بجامعة الملك عبدالعزيز